القائمة الرئيسية

الصفحات

الدول الحبيسة حول العالم

                                            الدول الحبيسة حول العالم




تُعرف الدول الحبيسة (Landlocked Countries) بأنها تلك الدول ذات السيادة التي لا تمتلك أي منفذ مباشر إلى البحار أو المحيطات المفتوحة، وتكون محاطة باليابسة من جميع الاتجاهات، أو تطل سواحلها الوحيدة على بحار مغلقة وغير متصلة بالمحيطات، مثل بحر قزوين. هذه السمة الجغرافية الفريدة، التي تُقدر بنحو 44 إلى 48 دولة حول العالم، تفرض تحديات اقتصادية وجيوسياسية عميقة، ولكنها لا تعني بالضرورة توقف عجلة التنمية.

🌍 توزيع الدول الحبيسة حول العالم:

تنتشر الدول الحبيسة في أربع قارات رئيسية، وهي:

 * أفريقيا: تضم أكبر عدد من الدول الحبيسة، يقدر بحوالي 16 دولة، ويُعزى هذا بشكل كبير إلى التقطيع الاستعماري للحدود الذي لم يراعِ الاعتبارات الجغرافية والمصالح الوطنية.

 * آسيا: تضم حوالي 12 دولة، أبرزها كازاخستان، التي تُعد أكبر دولة حبيسة في العالم من حيث المساحة (2.67 مليون كيلومتر مربع).

 * أوروبا: تحتوي على حوالي 14 دولة، وتُعتبر بعض دولها مثل سويسرا والنمسا من الدول الغنية التي وظفت الحياد والجمال الطبيعي والسياحة لمصلحتها.

 * أمريكا الجنوبية: فيها دولتان حبيستان فقط هما بوليفيا وباراغواي.

من الجدير بالذكر أن أمريكا الشمالية وأستراليا هما القارتان الوحيدتان اللتان لا تضمان أي دول حبيسة.

📉 التحديات الاقتصادية والجيوسياسية:

تُعاني معظم الدول الحبيسة النامية (LLDCs) من تحديات هيكلية تؤثر على نموها الاقتصادي، أهمها:

 * ارتفاع تكاليف النقل والتجارة: غياب الموانئ البحرية المباشرة يعني اعتماد هذه الدول على دول الجوار الساحلية (دول العبور) لنقل صادراتها ووارداتها. هذا الاعتماد يؤدي إلى:

   * زيادة كبيرة في تكلفة الشحن، مما يُضعف القدرة التنافسية لمنتجاتها.

   * تأخير في عمليات النقل والجمارك.

 * التبعية الجيوسياسية: تعتمد الدول الحبيسة بشكل كبير على علاقاتها الدبلوماسية واتفاقياتها الثنائية مع دول الجوار لضمان "حق المرور العابر" إلى البحر، وهو ما يُضعف موقفها الجيوسياسي ويجعلها رهينة لأي توترات أو صراعات مع جيرانها.

 * محدودية النشاطات البحرية: حرمانها من نشاطات الصيد البحري، و الاستفادة من الثروات البحرية.

 * ضعف البنية التحتية: غالباً ما تكون البنية التحتية للنقل (طرق، سكك حديدية) بين الدول الحبيسة ودول العبور غير كافية أو متطورة، مما يزيد من المشكلة.

💡 آليات التكيف والتعاون الدولي:

لمواجهة هذه التحديات، تتبنى الدول الحبيسة والمنظمات الدولية آليات وحلولاً لكسر "عقدة البحر":

 * قانون الأمم المتحدة للبحار (UNCLOS): يخصص الجزء العاشر منه "حق المرور العابر" للدول الحبيسة، مانحاً إياها الحق في الوصول إلى البحر عبر أراضي الدول الساحلية المجاورة دون قيود أو رسوم غير مبررة.

 * الاتفاقيات الإقليمية والثنائية: تبرم الدول الحبيسة اتفاقيات لإنشاء ممرات عبور جمركية وموانئ جافة (Dry Ports) وتسهيل حركة البضائع والأفراد.

 * تنويع الاقتصاد: تركز بعض الدول الحبيسة الناجحة (مثل سويسرا) على الخدمات المالية، والسياحة، والصناعات عالية القيمة التي لا تعتمد بشكل كبير على النقل البحري الضخم.

 * تطوير البنية التحتية الإقليمية: تسعى منظمات التنمية الدولية لدعم مشاريع البنية التحتية العابرة للحدود لربط الدول الحبيسة بشبكات النقل العالمية.

في الختام، تُعد الجغرافيا عاملاً مؤثراً، لكنها ليست قدراً محتوماً. فبفضل التعاون الدولي والاستثمار في البنية التحتية والتحول الاقتصادي، تسعى الدول الحبيسة لتحويل تحدياتها إلى فرص للنمو والاندماج في الاقتصاد العالمي.

تعليقات

التنقل السريع